الجمعة، 8 يناير 2010

وأكتشفت أني سعيدة !!

مسائكم // صباحكم عطر وفجر مشرق يوقظ الازهار ..
همسة لاصدقائي :
اليوم أكتب شيء .. شخصياً أستغرب رغبتي في كتابته ..خاصة قرب اختبار مادة الامراض (الباثولوجي) الذي سيكون على خير في يوم الاحد القادم ..(احتاج الدعاء جداً ..لي ولاصدقائي وكل زملائي ) ..
وسط اوراقي الكثيرة جداً ..المتعددة الامراض ..اكتشفت اني أكثر بنت متميزة في هذه العالم واكثر بنت سعيدة !! (الحمد لله على الرضا)
اعرف ان علامات الدهشة تعلو وجوه الجميع ..ولكني فعلاً كذلك ..
فأنا سعيدة وهي المرة الاولى التي اعطي نفسي الحق المطلق في السعادة .. لي أصدقاء رائعون جداً جداً ..مجرد ذكرهم يسعدوني ..كل منهم يساعدوني في مهمة ..والكل يسأل عني ..ويستقبلني بالبسمة عندما يلقاني ..والكل يشاركني الحياة ..والبهجة ..
مواهب , كوثر , زهراء , ماريا , جمانة ,, مريم , ليلى , رجاء , فاطمة حسن ,, .حسن والكثيرين جداً ..فتيات وصبية ..
كل منهم له فن يتقنه ..ولي ذكريات كثيرة مع الجميع .. تضحكني حتى الثملة ..فكيف لا اطير من الفرح ..
وماذا تحتاج أكثر من الالفة في الحياة لتكون سعيداً .. والمحبة التي يغمرني الجميع بها ..
صدقاً .. اصدقائي .. قبل معرفتكم .. كنت اخشى ان اكون سعيدة لاني وحيدة ..الان وحتى لو كانت لدي الكثير من المشاكل فأنا اعرف أنكم دائما معي ..ولن تتركوني ماحييت ..اسم اي منكم على شاشة هاتفي المحمول ..يرسم بسمة على شفاهي دوماً ..أحبكم جميعا ..
وأكتشفت أني سعيدة :
السعادة هي العملة النادرة جداً التي يبحث عنها كل الناس طول حياتهم ..ومن كثرة الاشاعات التي تصلنا عن صعوبة الوصول اليها ..صدقنا بأنه لايمكن الحصول عليها ..ولكن هذا خطأ ..
السعادة ليست سلعة لتشتريها ..وليست مادة في نظام البنر (في جامعتي الموقرة ) لتكون بحاجة لمتطلبات لتستطيع الحصول اليها ..انها شيء في داخل كل منا ..لديك وتستطيع الحصول عليه دوماً وبالمقدار الذي تريده ..
السعادة هي القناعة والرضا .. انا الفتاة التي يعرف عنها الحزن الدائم .. والخوف المتواصل ..القلق ..اعلن اليوم بعد ان قضيت نص يومي في حالة حزن وبكل حزم ..لا للحزن مرة أخره .. فلدي كل مااحتاجه لاكون سعيدة .. اسرتي .. اصدقائي .. زملائي ..عملي ..مجتمعي ..وطني ..حبي وعمري وصحتي ..كل مااحتاج اليه لاكون سعيدة .. فقد حان الوقت لايقاف الحزن وللابد ..
"أعظم متعة في الحياة .. ان تفعل ما يقول الناس بأنك عاجز عن فعله !! " (وولتر باجوت)
وهذا ماقررت عمله ..اعرف بأن الكثيرين لن يصدقوا ..ولكني أقترح عليكم اقتراح ونصيحة غالية جداُ ..بدل محاولة احباطي واخباري بأن مااحاول عمله مستحيل ..انصحكم بالمحاولة بانفسكم ..
لما تحزن ؟!؟ هل تعلم بأن كل من حولك .. مثلك تمام ..مع الاختلاف الواضح وهو انهم يستخدمون مالديهم بطريقة أخرى ..قد يكون هناك من لديه اكثر مما يجعلني سعيدة ..لديه اصدقاء اكثر او يستطيع ان يقضي معهم اوقات اكثر ..وقد يكون لا يدرس دراستي اللطيفة جداً ..وقد يكون ليس يتيماُ ..ولم يتوفى شقيقه الاصغر ..ولكني استعمل مابقي لدي لاكون اسعد ..فلست بحاجة الى اكثر من ان تحب الله حق الحب وعليها ستحب الحياة ..اعرف ان مقالي اليوم قمة في الفوضى ولايحوي فكرة جديدة الا اني وقفت مع نفسي وقفة صدق وسألتها لما الحزن ولدي الكثير من الاشياء التي يحسدوني عليها الكثيرون ..حيث انه لاسبب صريح يدعو للكابة ...ولكني وسط اوراق اختباري لا استطيع الا ان احس بإن لدي الكثير لانجزه ..ولكني لو لم اكتب هذا المقال ..لبقيت في حالة فوضى مزرية وتشتت ..
اعذورني على الفوضى العارمة في المقال ..ولكني اشكر كل من وصل الى هذا السطر وسط كل هذه الفوضى ..
تحياتي ...
جمانة المشيخص

الأربعاء، 6 يناير 2010

(تنتهي قصته مع أغلاق الملف)

صباح // مساء بطعم الحلوى ورائحة القهوة الصباحية الباكرة ..
يوماً سعيداً بعمق تنهيدة الحزن في اصواتنا .. اتمناه لكم ..

ان من أشد الاشياء التي لا اعتقد صدقاً بقدرتي عليها .. هي عدم التعاطف مع الاخرين والبكاء لاجلهم وهو الشيء الذي يُطلب منا كأطباء يمر عليهم الكثير والكثير في حياتهم ...

التعاطف السلبي والتعاطف الايجابي ..
" Isn't it sympathy؟!!"
ان التعاطف الايجابي هو الذي يحوي على التجسد والتخيل .. تخيل حياة المريض وظروفه ..عائلته ..وفجأة تنقل بحكم انسانيتك في تخيل نفسك مكانه وماذا عليّ أن افعل ..لو كنت مكانه ..وتبدأ بالتورط العاطفي مع المريض ..
ان هذا الامر يحدث حقيقة لكل الاشخاص .. حيث اننا بطبعنا .. تنهمر الدموع منا ونأسى للبشر ..تخيل معي طفلاً مريضاً .. أو طفلاً معاقاً .. فتاة عمياء .. شخص بيد واحدة .. تخيل كم ستأسى عليهم ..وقد تبكي لمجرد تعليق بسيط من أحد منهم!!
تخيل معي .. ان كل مريض يمر بين يدي ..له أسرة وعائلة تنتظر عودته سليماً معافى ..تخيل كم نتأثر لاخبار من حولنا ..حريق رهيب ..موت قريب .. غريق ..شهيد ..
ان هذه المشاعر طبيعية لدى كل منا .. وتخيلني بعد بضع سنين على خير .. أنا بشخصي .. طبيبة لدي كل يوم قرابة ال5 الى ال7 مرضى على اقل تقدير (كوني سأكون حينها طبيبة عامة لا اكثر ) .. يجب ان اسمع شكاواهم ..وكيف ان الحياة اتهضطدهم ..مشاكلهم النفسية العاطفية الاجتماعية الاسرية والصحية .. استمع بكل انصات ..ويجب أن أتحلى بكل رباطة الجأش حتى لا ابدي اي تأثر ملحوظ .. غير بعض العبارات كــ " لابد أن ذلك صعب .. لابد انك تعاني كثيراً من ذلك ..لاشك في كونه أمر قاسي " ..او مااستطيع أن أسميه تعاطف سلبي مع الاخرين ..تعاطف موجود شكلاً وملغى مضموناً ..اذ يجب عليّ ان احافظ على نفسيتي كبشرية ..واحافظ على صحتي النفسية كون لدي حياة خارجية ..خارج جدران عيادتي ومكتبي ..يجب ان اتعامل مع كل الحالات وانتقل من حالة لحالة دون استراحه ..وبدون تأثر وبنفسية قوية لاتعرف الانهيار ..
يجب أن أشرب القهوة مع ابتسامة مهما كان لدي من موتى .. يجب ان لا احزن للموتى ولا افرح بشدة للذين انقذهم ..!!
لاني دائما اقول :
" we are doctors, we just play in the line between death and life, Don't we?!"
هل يمكن لي ان افعل ذلك ؟!؟ هل تعتقدون أن هذا سيكون سهلاً ؟!؟
كوني قد شاركت في التدريب الصيفي منذ السنة الاولى في الجامعة .. فأنا مبدئياً لست سيئة كثيراً في ذلك .. فأنا لا أتاثر حيال من هم أمامي يتألمون ..واستطيع العمل والتعامل معهم ..ولكني أفزع في الحالات الطارئة .. عندما يكون المريض نائم ..مغمى عليه .. أن شكله يرهبني ..
أتذكر اول مريض توفى عندي ..عندما كنت في السنة الاولى ..كانت امراة كبيرة في السن .. لم أسمع صوتها حتى .. جاتنا في حالة توقف تنفس "code blue " ..
بدأ الدكتور في الانعاش ..بعد محاولات دامت الى 15 دقيقة ..رمقني وزملائي المتدربين .. وانا تحديداً رمقني بابتسامة باهتة..وطلب منهم اكمال الانعاش ..بدأوا في ذلك ..اوقفت جهاز التكيف لاحاول اعادة الحرارة الى المريضة ..بدأ الضغط على صدرها ..كان صوت جهاز مراقبة دقات القلب يعمل وكلي أمل ..ولكن صوته سرعان مايختفي بمجرد توقفنا عن الضغط ..نعطيها الادوية ..ونستمر واستمر واحاول ..مع كل ضغطه اردت منها ان تستيقظ ..ولكنها لم تفعل ..حتى نظر الدكتور الى الساعة ونطق بساعة الوفاة التي دونتها الممرضة ..وخرج الدكتور بمنتهى """البرود""" ليقول لاهل المريضة .. " اذكروا الله ... جدتكم توفت !!!!! " وانا في طور الصدمة ..سرعان مابدأت أجهش بالبكاء ..
كرهته وكرهته جداً..على الرغم من أني كنت من أكثر الذين يحبونه ويحبون طريقة شرحه وتدريسه ..كيف له أن يكون بهذا البرود وبهذه القسوة ..!! كيف له ان يحتسي القهوة وهو يرمقونا نحاول ..
في اليوم التالي أحس دكتور اخر ممن كانوا يدربوننا أني مازلت لم أتجاوز الامر ..قال لي كلمات لا استطيع نسيانها " لقد كانت ميتة قبل ان تصل الينا ..ماتت قبل 4 ساعات تقريبا ..كانت جثتها باردة جداً وقد بدأت تتصلب..يجب ان لا تأسي عليهم كثيراً ..لان لديك الكثيرين لتنقذيهم ..نحن ندفع ثمن انقاذ المرضى ..بفقد مرضى اخرين ..ليس برادتنا ولكن لانه يجب أن يكون كذلك .. يجب عليك في نهاية اليوم ان تكملي حياتك ..رغم كل شيء ورغم كل من ماتوا ..!! "
اجل نحن ندفع ثمن انقاذهم من انسانيتنا .. من ارواحنا .. من أحساسنا بالذنب .. !!
من أجلهم ولاجلهم يجب ان نتحول ونكون كذلك .."قاسين وباردين " ..لاتمكن من اكمال المهمة دون ان التفت لالمه ونزفه واوجاعه ..حتى لا أخاف وحتى لا ارتبك ..فقط لاجله .. ولاكون قادرة على العطاء في اخر اليوم وفي كل يوم ...يجب أن أغلق قصته مع أغلاق الملف !!
"Feel empathy NOT sympathy!! "
دمتم متألقين ورائعين ..!!
جمانة المشيخص ..